لذلك ، الصلاة على الميت ، فإنها عبادة كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد مارسها علانية مئات المرات ، وأداها في مشهد عام من المشيعين والمصلين ، وبالرغم من ذلك يبدو أن الصحابة كانوا لا يجدون ضرورة معرفة هذه العبادة ما دام النبي ( صلى الله عليه وآله ) يؤديها ، وما داموا يتابعون فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) في عدد التكبيرات في صلاة الميت ، " فقد أخرج الطحاوي عن إبراهيم قال : قبض رسول الله ، والناس مختلفون في التكبير على الجنازة لا تشاء أن تسمع رجلا يقول سمعت رسول الله يكبر خمسا ، وآخر يقول سمعت رسول الله يكبر أربعا ، فاختلفوا في ذلك حتى قبض أبو بكر ، فلما ولي عمر ، ورأى اختلاف الناس في ذلك ، شق عليه جدا ، فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول الله فقال : " إنكم معاشر أصحاب رسول الله متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم ، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه ، فانظروا ما تجتمعون عليه ، فكأنما أيقظهم ، فقالوا : نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين " [73] . وهكذا نجد أن الصحابة كانوا في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) يتكلون غالبا على شخص النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا يشعرون بضرورة الاستيعاب المباشر للأحكام والمفاهيم ما داموا في كتب النبي ( صلى الله عليه وآله ) [74] .
[73] راجع : عمدة القاري شرح صحيح البخاري / ج 8 / ص 137 باب التكبير على الجنازة طبعة دار إحياء التراث / بيروت ( الشهيد ) . [74] راجع : تمهيد لتاريخ الفلسفة / د . مصطفى عبد الرزاق / ص 272 .