رغم أنها المصدر الثاني من مصادر الاسلام ، وأن التدوين كان هو الأسلوب الوحيد للحفاظ عليها وصيانتها من الضياع والتحريف ، فقد أخرج الهروي في ذم الكلام عن طريق يحيى بن سعد عن عبد الله بن دينار قال : لم يكن الصحابة ، ولا التابعون ، يكتبون الأحاديث ، وإنما كانوا يؤدونها لفظا ويأخذونها حفظا [64] . بل إن الخليفة الثاني - على ما في طبقات ابن سعد - ظل يفكر في الموقف الأفضل تجاه سنة الرسول ، واستمر به التفكير شهرا ثم أعلن منعه عن تسجيل شئ من ذلك [65] . وبقيت سنة الرسول الأعظم التي هي أهم مصدر للاسلام بعد الكتاب الكريم ، في ذمة القدر يتحكم فيها النسيان تارة ، والتحريف أخرى ، وموت الحفاظ ثالثة ، طيلة مائة وخمسين سنة تقريبا [66] . ويستثنى من ذلك اتجاه أهل البيت ، فإنهم دأبوا على التسجيل والتدوين منذ العصر الأول ، وقد استفاضت رواياتنا عن أئمة أهل البيت بأن عندهم كتاب ضخما مدونا بإملاء رسول ( صلى الله عليه
[64] راجع المصدر السابق ، وراجع : سنن الدارمي / ج 1 / ص 119 / باب من لم ير كتابة الحديث . [65] الطبقات الكبرى / ابن سعد / ج 3 / ص 287 - طبعة دار بيروت / 1405 . [66] كان أول تدوين رسمي للسنة علي يد محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ( ت 124 ه ) ، بأمر من عمر بن عبد العزيز ونقل عنه قوله " لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني . . . " . . . وكان ذلك بداية المائة الثانية من الهجرة ، راجع علوم الحديث ومصطلحه / الدكتور صبحي الصالح / ص 46 .