منه الانسان الاسلامي ، الذي يحمل الدور الجديد إلى العالم ، وتجتث منه كل جذور الجاهلية ورواسبها [6] . وقد خطا القائد الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) بعملية التغيير خطوات مدهشة ، في برهة قصيرة ، وكان على العملية التغييرية أن تواصل طريقها الطويل حتى بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) . وكان النبي يدرك منذ فترة قبل وفاته ، أن أجله قد دنا ، وأعلن ذلك بوضوح في " حجة الوداع " [7] ، ولم يفاجئه الموت مفاجأة . وهذا يعني أنه كان يملك فرصد كافية للتفكير في مستقل الدعوة بعده ، حتى إذا للرسالة عن طريق الوحي [8] . وفي هذا الضوء يمكننا أن الإلهية المباشرة للرسالة عن طريق الوحي ( 8 ) . وفي هذا الضوء يمكننا أن نلاحظ أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان أمامه ثلاثة طرق بالامكان انتهاجها تجاه مستقبل الدعوة . أولهما : الطريق السلبي ، وثانيهما : الطريق الايجابي ممثلا بالشورى وثالثهما : التعيين [ وهنا ثلاثة مباحث ] .
[6] جاء في القرآن الكريم قوله تعالى : ( هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور ) الحديد / 9 . [7] جاء ذلك عنه صلوات الله وسلامه عليه في خطبة حجة الوداع إذ قال : " ألا وإني أوشك أن ادعى فأجيب . . . وفي رواية كأني قد دعيت فأجبت ، واني تركت فيكم الثقلين . . . " صحيح مسلم / ج 4 / ص 1874 ، وعن عبد الله بن مسعود قال : " كنا مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليلة فتنفس ، فقلت : ما شأنك يا رسول الله ؟ قال : نعيت إلى نفسي . . . " مختصر تاريخ ابن عساكر / ج 18 / ص 32 . [8] بمعنى أننا لو افترضنا أن النبي حريص على دعوته المباركة - كما هو شأنه - وعلى أن تصل هذه الدعوة إلى مداها المقدار لها ، وقد كان متطلعا إلى أن تصل إلى العالم أجمع ، فإن هذا بحد ذاته يقتضيه أن يحسب حساب المستقبل .