محاولة جرت لصرف علي عند مجيئه إلى بيت الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بعد دعوته تلك ، ولكنها فشلت بتدخل الرسول نفسه على ما نقله ابن كثير [19] . ويستفاد من هذه الرواية - كما هو ظاهر - أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أراد أن يرسخ ويؤكد أن عليا هو أحب الخلق إلى الله تعالى أيضا [20] . كل ذلك يدل بما لا يدع مجالا للشك على أن التربية التي خص بها نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) عليا ، كانت تهدف إلى إعداده وتهيئته لمسؤولية قيادة الدعوة ، وليس لمجرد أن يكون أحد أركانها وكوادرها الأساسية . إذ وجدنا الرسول القائد يتعهد جمعا من صحابته بالتربية والتثقيف والرعاية ، ولكن ليس بمثل المستوي والطريقة والأسلوب والعناية التي اتبعت مع علي مما يكشف أن المسؤولية المنوطة بعلي هي أكبر بكثير من مسؤولية الآخرين . أما الأسلوب الثاني : وهو افراد علي واختصاصه بالعلوم ، وخاصة القرآنية ، وبالمواقف الحاسمة في تاريخ الرسول والرسالة ، وتثقيفه تثقيفا مركزا بأحكام الشريعة ، فإن هناك شواهد كثيرة وأدلة وفيرة عليه ، ومن يراجع كتب الحديث والسيرة والتواريخ [21] يظفر بالكثير جدا .
[19] البداية والنهاية / ص 351 / 352 . [20] غاية المأمول شرح التاج للأصول / ج 3 / ص 336 ، الهامش ( 6 ) قال عن الحديث ( وفيه أن عليا رضي الله عنه أحب الخلق إلى الله تعالى ) . [21] راجع مختصر تاريخ ابن عساكر / لابن منظور / ج 17 / ص 356 وما بعدها ج 18 إلى ص 51 .