فلمّا رأى كراهتها ، ردّها إلى المأمون ، وكتب إليه بهذه الأبيات ، شعراً : نعى نفسي إلى نفسي المشيب * وعند الشيب يتّعظ اللبيب فقد ولّى الشباب إلى مداه * فلست أرى مواضعه يؤوب سأبكيه وأندبه طويلاً * وأدعوه إليّ عسى يجيب وهيهات الذي قد فات عنّى * تمنّيني به النفس الكذوب وراع ( 1 ) الغانيات بياض رأسي * ومن مدّ البقاء له يشيب أرى البيض الحسان يجدف ( 2 ) عنّي * وفي هجرانهنّ لنا نصيب فإن يكن الشباب مضى حبيباً * فإنّ الشيب أيضا لي حبيب سأصحبه بتقوى اللّه حتّى * يفرّق بيننا الأجل القريب ( 3 ) في حكم من مضى ليغيث مستغيثاً فجنى في طريقه : 250 / ] 103 [ - الشيخ الصدوق : محمّد بن أحمد بن يحيى بإسناده ، قال : رُفع إلى المأمون ، رجل دفع رجلاً في بئر فمات ، فأمر به أن يقتل ، فقال الرجل : إنّي كنت في منزلي فسمعت الغوث ، فخرجت مسرعاً ومعي سيفي ، فمررت على هذا وهو على شفير بئر ، فدفعته فوقع في البئر . فسأل المأمون الفقهاء في ذلك ؟ فقال بعضهم : يقاد به ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا ، فسأل أبا الحسن ( عليه السلام ) عن ذلك ، وكتب إليه ، فقال ( عليه السلام ) : ديته على أصحاب الغوث الذين صاحوا : الغوث . قال : فاستعظم ذلك الفقهاء ، فقالوا للمأمون : سله من أين قلت هذا ؟ فسأله ، فقال ( عليه السلام ) : إنّ امرأة استعدت إلى سليمان بن داود ( عليهما السلام ) على ريح ، فقالت : كنت على
1 - في البحار : وداع . 2 - في البحار : يحدن . 3 - عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 178 ح 8 ، إعلام الورى : 2 / 79 ، بحار الأنوار : 49 / 164 ح 4 .