ولقد تداكّ النّاس عليه تداكّ الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين ، ثمّ نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ، ولا خلاف أتاه حسداً له وبغياً عليه . فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته ، والجدّ والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين . عَصَمنا الله وإيّاكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإيّاكم تقواه ، وأعاننا وإيّاكم على جهاد أعدائه . وأستغفر الله العظيم لي ولكم . ثمّ مضى إلى الرّحبة ، فهيّأ منزلاً لأبيه أمير المؤمنين . قال جابر : فقلت لتميم : كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه ؟ فقال : وما سقط عنّي من قوله أكثر ، ولقد حفظت بعض ما سمعت ( 1 ) . خطبته في الجمعة [ 46 ] - 27 - قال الصّدوق : أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن محمّد ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الكاتب ، قال : حدّثنا الحسن بن عليّ الزعفرانيّ ، قال : حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ ، قال : حدّثنا أبو الوليد العبّاس بن بكّار الضّبّي ، قال : حدّثنا أبو بكر الهذليّ ، قال : حدّثنا محمّد بن سيرين ، قال : سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون : لمّا فرغ عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) من الجمل ، عرض له مرض ، وحضرت الجمعة ، فتأخّر عنها ، وقال لابنه الحسن ( عليه السلام ) : انطلق يا بنيّ فجمّع بالنّاس . فأقبل الحسن ( عليه السلام ) إلى المسجد ، فلمّا استقلّ على المنبر حمد الله وأثنى عليه وتشهّد وصلّى على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال :
1 - شرح ابن أبي الحديد 14 : 11 ، بحار الأنوار 32 : 88 .