قال : وممّ ذاك ؟ قال : قلت : بتسليمك الأمر لهذا الطّاغية . قال : والله ما سلّمت الأمر إليه إلاّ أنّي لم أجد أنصاراً ، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتّى يحكم الله بيني وبينه ، ولكنّي عرفت أهل الكوفة وبلوتهم ، ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً إنّهم لا وفاء لهم ولا ذمّة في قول ولا فعل ، إنّهم لمختلفون ، ويقولون لنا : إنّ قلوبهم معنا وإنّ سيوفهم لمشهورة علينا ، قال : وهو يكلّمني إذ تنخع الدّم ، فدعا بطست فحمل من بين يديه مللآناً ممّا خرج من جوفه من الدّم . فقلت له : ما هذا يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إنّي لأراك وجعاً ؟ قال : أجل دسّ إليَّ هذا الطّاغية من سقاني سمّاً فقد وقع على كبدي وهو يخرج قطعاً كما ترى . قلت : أفلا تتداوى ؟ قال : قد سقاني مرّتين وهذه الثالثة لا أجد لها دواء ، ولقد رقى إليَّ : أنّه كتب إلى ملك الرّوم يسأله أن يوجّه إليه من السّمّ القتّال شربة : فكتب إليه ملك الرّوم : أنّه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا . فكتب إليه إنّ هذا ابن الرّجل الّذي خرج بأرض تهامة ، وقد خرج يطلب ملك أبيه ، وأنا أريد أن أدسّ إليه من يسقيه ذلك فأريح العباد والبلاد منه ، ووجّه إليه بهدايا وألطاف فوجه إليه ملك الرّوم بهذه الشّربة التي دسّ بها إليَّ فسقيتها واشترط عليه في ذلك شروطاً ( 1 ) .