وهو القائل : « أكرم الناس عليّ جليسي ، وإن الذباب يقع على جليسي فيؤذيني ، وإني لأستحي من الرجل يطأ بساطي ثلاثاً فلا يُرى عليه أثر من بري » [1] . وبهذه المثلثات الثلاث نكتفي عن الإطناب في سرد ما ورد في وصف أخلاقه ، وسوف يصادفنا فيما نقرأ من فصول سيرته شواهد على ذلك كثيرة . وكيف لا يكون في حسن أخلاقه مثلاً أعلى وهو القائل : « انّ الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد ، وان الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل » [2] . وعن طاووس قال : « كنا عند ابن عباس ، قال : وكان سعيد بن جبير يكتب ، قال : فقيل لابن عباس : إنهم يكتبون ، قال : أيكتبون ؟ ثم قام ، وكان حسن الخُلُق ، قال : ولولا حسن خُلقه لغيّر بأشد من القيام » [3] . وأنا مهما شككت في صحة هذا الخبر ودلالته على المنع من التدوين - لأن ابن عباس كان ممن يرى تدوين الحديث وهو نفسه قد كان يحمل معه ألواحه ويجلس على باب الأنصاري ليسمع منه ويكتب عنه . كما سيأتي توثيق ذلك في تاريخه العلمي - فلا أشك في دلالته على حسن خلقه ، ولولا حسن خلقه لغيّر بأشد من القيام على حد تعبير طاووس . قال الجاحظ في رسالة نفي التشبيه : « ولو لم يعرف ذلك إلاّ بعبد الله بن العباس وحده كان ذلك كافياً ، وبرهاناً شافياً ، فان الأعجوبة فيه أرث على كل
[1] ربيع الأبرار 1 / 289 . [2] ربيع الأبرار 1 / ورقة 150 نسخة السماوي ، 1 / 49 ط بغداد . [3] المعرفة والتاريخ 1 / 527 .