ولهذا فوّض الله لرسوله البيان مع كون الكتاب جامعاً فقال تعالى لنبيّه : * ( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم ) * [1] ، و لا شك أنّ استخراجه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) من الكتاب على وجه الصواب يكفي ويغني في كونه نصاً مطلوباً لنا ، لا سيما إذا أمرنا به ، ولا سيما إذا وعد على ذلك الأمن من الضلال ، فما معنى قول « حسبنا كتاب الله » بعد ذلك [2] ؟ 6 - ماذا في القراءة الخلدونية [3] ؟ ليس من جديد عند ابن خلدون سوى التفافه على حديث الدواة والكتف ، بقفزة غير بارعة فطواه وطمس معالم الإدانة فيه في موضع مقدمته فقال : - وهو يذكر أمر النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) باحضار الدواة والقرطاس ليكتب صلّى الله عليه ( وآله ) الوصية - : « وان عمر منع من ذلك » ( ! ) . ثمّ قال : « وما تدعيه الشيعة من وصيته لعليّ ( رضي الله عنه ) وهو أمر لم يصح ولا نقله أحد من أئمة النقل . والّذي وقع في الصحيح من طلب الدواة والقرطاس ليكتب الوصية وان عمر منع من ذلك ، فدليل واضح على أنّه لم يقع » [4] . ثمّ عاد في تاريخه فقال : « في مرضه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ثمّ جمع أصحابه فرحّب بهم وعيناه تدمعان ودعا لهم كثيراً وقال : ( أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم واستخلفه
[1] النحل / 44 . [2] حاشية السندي علىّ صحيح البخاري 1 / 33 ، نقلاً عن معالم الفتن لسعيد أيوب / 260 . [3] القراءة الخلدونية اسم لكتاب كان يدرس في الصف الأوّل من المدارس الابتدائية في العهد الملكي في العراق نسبة لمؤلفها أبن خلدون . وهزئاً بعقلية ابن خلدون في رأيه في المقام شبّهنا ما لديه بما في القراءة الخلدونية . [4] مقدّمة ابن خلدون / 380 ط دار الكتاب اللبناني .