هذه حصيلة ما ورد في صور الحديث الّذي تكثّرت وتكسّرت ، حتى يصعب على الرائي فيها تجميع أجزائها بصورة واحدة . وهذا ما يدل على مدى التضبيب الّذي لفّ الهالة لتمييع الحالة ، وتضييع القالة . ولكن لم يخف وجه الكراهية الّتي أبدتها المعارضة بشدة ، فهم الّذين نابذوا الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) منذ بدء دعوته وحتى ساعة وفاته وما بينهما من مواقف ، وما بالهم نسوا أنّ الخير كان ويكون فيما كانوا يكرهون . * ( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) * [1] . وبعد هذا هل يصح أن يقول علماء التبرير أخيرهم العقاد وليس آخرهم ، إنّ النبيّ كان يحبّ أن يحبّ الناس عليّاً ، فهو يحبّه ويمهدّ له وينظر إلى غده . . . ثمّ يقول : وليس من الممكن . . . وليس من الممكن . . . ولا بدّ لنا الآن من النظر في حال عمر وماذا أراد بقوله ؟ ماذا قال عمر ؟ ليس من شك فيما قال عمر ، إذ نسب قول النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى الهجر : إنّ النبيّ يهجر ، إنّما يهجر رسول الله . وليس من شك في أنّ علماء التبرير أضفوا على جفاء هذه الكلمة ، نسيجاً أوهى من نسيج العنكبوت ، وألقوا ظلالاً - وضَلالاً - من التشكيك في تحوير ما قال لسماجته ، وقد مرّ في صور الحديث ما طرأ على الكلمة من تحريف شائن ، كما مرّ في أقوال علماء التبرير مقالة متهالك مائن ، في تصريف الكلمة على وجوهها غير الصرفية ، فقالوا يهجر إلى ليهجر ، إلى أهجر إلى هَجر هَجَر