ثالثا لماذا أراد النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أن يكتب له الكتاب ؟ قالوا : إنّ الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لمّا نزل عليه الوحي في حجة الوداع بقوله تعالى : * ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَالله يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ ) * [1] وكان قد وصل المسلمون معه إلى غدير خم بين مكة والمدينة فأمر بحط أوزار المسير عند الغدير ، وقام في المسلمين في رمضاء الهجر على منبر من حدوج الإبل ليستشرف الناس ، وخطب خطبة طويلة ، أبان لهم فيها انّ الله تعالى أمره بأن ينصب عليّاً إماماً وعلماً لأمته من بعده ، ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها حتى بان بياض أبطيهما وقال : ( من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . ) إلى آخر الخطبة ثمّ نصب لعليّ خيمة خاصة وأمر المسلمين بالسلام على عليّ بأمرة المؤمنين ، فبايعوه . وكان ممّن دخل عليه وبايعه الشيخان أبو بكر وعمر وقالا له : بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولانا ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة » [2] . وهذا هو النص الّذي كان بعد حجة الوداع وجهر به النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولكن الأستاذ العقّاد يأباه ويقول : « فليس من الممكن أن يرى ذلك فلا يجهر به في مرض الوفاة وبعد حجة الوداع » . وما أدري أيّ جهرٍ بالقول أوضح وأفصح من ذلك ؟ وما أدري لماذا لم يقرأ العقاد حديث أم سلمة قالت : « قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في مرضه الّذي قبض فيه - وقد امتلأت الحجرة من أصحابه - : ( أيها الناس
[1] المائدة / 67 . [2] راجع كتاب الغدير للمرحوم الشيخ الأميني الجزء الأوّل ستجد تفصيل ذلك موثقاً بالمصادر المقبولة عند المسلمين من السنّة لأنها من كتبهم .