والآن إلى نموذج آخر في العصر العباسي الذي زاد في الطين بلّة ، فكثرت الموضوعات المبشرة بحكومتهم من الرواة المتزلفين : فمنها أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال للعباس : ( يا عم ليملكنّ من ذريتك عدد نجومها - وقد نظر إلى الثريا - ) [1] . ومنها قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) له : ( فيكم النبوة والمملكة ) [2] ؟ ومنها ما ينسب إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لأبن عباس : ( خذ إليك أبا الأملاك ) في ولادة ابنه عليّ بن عبد الله . وما ينسب إلى محمّد بن الحنفية من مبايعة الشيعة له ثم لأبنه عبد الله بن محمّد ووصيته بالأمر إلى محمّد بن عليّ بن عبد الله بن عباس [3] ، وجعلوا ذلك مسنداً في صحيفة ورثها محمّد بن الحنفية عن أبيه أمير المؤمنين . وهكذا تنتشر فضائل وأحاديث مبشّرة بالعباسيين وإن الخلافة فيهم ستبقى حتى يسلموها إلى المسيح [4] . قال الذهبي : « وقد اعتنى الحفاظ بجمع فضائل العباس رعايةً للخلفاء » [5] . ولعل خير شاهد على ذلك ما صنعه ابن هشام صاحب السيرة النبوية فقد نقلها عن ابن إسحاق - وهو مؤرخ دولة رسمي كما كان مالك بن أنس مدوّن السنّة الرسمي لدى العباسيين - فذكر ابن هشام حرب بدر وذكر قائمة بأسماء أسارى بدر نقلاً عن ابن إسحاق وقد خلت من اسم العباس جد العباسيين ، مع أنّ قصة أسره تكاد لا تخفى على أي مؤرخ بعد ما ذكرها ابن سعد نقلاً عن