كتاباً ) ، بينما مرّت في روايتي يونس وأسامة : ( هلمّ أكتب لكم كتاباً ) ، فهذا التفاوت سواء كان من غلط النسخة أو من الرواة ، فهو غير مغتفر ، لأنّه مغيّر للمعنى كثيراً ، فبعد أن كانت جملة ( هلمّ ) من أدوات النداء والدعوة وتحمل على الأمر ، تغيّرت إلى ( هل ) وهي أداة استفهام ، وعليها لا ضير ولا وزر على من امتنع وأبى من الصحابة لأنّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) استفهم منهم ، فأبى بعضهم حسب رأيه فلا مؤاخذة عليه إذن . والّذي يلفت النظر أنّ رواية عبد الرزاق هذه رواها عنه أحمد في مسنده [1] من دون حرف الاستفهام ( هل ) فصارت تقرأ ( أكتب لكم كتاباً ) وهي تقرأ إمّا على نحو الجملة الخبرية وليس لها معنى في المقام ، فلابدّ إذن تقرأ على نحو الاستفهام وهذا هو المطلوب لستر العيوب . وثمة آخرون غير أحمد رووا ذلك عن عبد الرزاق كالبخاري ومسلم وابن حبّان في صحيحه [2] وابن أبي الحديد وابن كثير ، وربّما غيرهم . وأخيراً فقد حذف في المصنّف قول ابن عباس : « وغُمّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) » كما مرّ في حديث يونس فراجع . وهذه الرواية عن طريق عبد الرزاق عن معمر رواها كلّ من البخاري وابن حبّان ومسلم في صحاحهم وأحمد في مسنده وابن أبي الحديد في شرح النهج وابن كثير وربّما غيرهم ، ولدى المقارنة بين المصادر المشار إليها نجد التفاوت كبيراً في اللفظ والمعنى ، وأكثرها تعتيماً على الحقائق ما كان من البخاري الّذي روى ذلك [3] بسنده عن عليّ بن عبد الله عن عبد الرزاق فحذف اسم عمر من
[1] مسند أحمد 1 / 336 . [2] صحيح ابن حبّان 14 / 562 . [3] اُنظر صحيح البخاري 6 / 9 .