فمثلاً يحسن بالباحث مراجعة فتح الباري في شرح أوّل حديث للبخاري ليقف على بلبلة العلماء في أوّل حديث في صحيح البخاري وهو ( إنّما الأعمال بالنيات ) وما فيه من خرم حتى قال ابن العربي : « لا عذر للبخاري في إسقاطه ، لأنّ الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام . . . وقال الداودي الشارح : الإسقاط فيه من البخاري ، فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على ذلك » [1] . وقال ابن حجر : « ولا يوجد فيه - في الصحيح - حديث واحد مذكور بتمامه سنداً ومتناً في موضعين أو أكثر إلاّ نادراً » ، فقد عنى بعض من لقيته بتتبع ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعاً . وقال : « فلا يوجد في كتابه حديث على صورة واحدة في موضعين فصاعداً » [2] . فبعد شهادة هؤلاء لا يسعنا إدانة وسائط النقل بين البخاري وبين ابن عيينة ، بل التبعة يتحملها البخاري إذ لم يؤد ما حُمّل من الحديث كما هو . ثمّ أعلم أنّ الحديث برواية قتيبة رواه عنه أيضاً مسلم في صحيحه في كتاب الوصية في باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه فقال : « عن سعيد بن منصور وقتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ثمّ قال : واللفظ لسعيد . وفي قوله هذا إيماء إلى أنّ في رواياتهم اختلاف فاختار رواية سعيد ، وما ذكره يتفق مع ما مرّ عند البخاري عن محمّد بن سلام ، ثمّ رواه عن أبي إسحاق إبراهيم عن الحسن بن بشر عن ابن عيينة » [3] .
[1] فتح الباري 1 / 17 - 18 . [2] نفس المصدر 1 / 91 . [3] صحيح مسلم 5 / 75 ط صبيح بمصر .