سعيد سكت عن الثالثة عمداً ، وأمّا أن يكون قالها فنسيها » [1] . وهذا مرّ علينا نحوه في حديث البخاري عن شيخه محمّد بن سلام . وأمّا رواية قبيصة - وهو الثالث من القائمة - فقد رواها عنه البخاري في كتاب الجهاد والسير ، في باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم [2] . قال : حدّثنا قبيصة حدّثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) أنّه قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ ثمّ بكى حتى خضب دمعهُ الحصباء فقال : أشتد برسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وجعه يوم الخميس فقال : ( أئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً ) ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، قال : ( دعوني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه ) ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة » [3] . ثمّ حكى البخاري تحديد جزيرة العرب ، وليس ذلك جزءاً من الحديث ! واعلم بأنّ البخاري لم تقتصر روايته لحديث سفيان على شيخه قبيصة عن سفيان ، بل رواه أيضاً عن شيخه الآخر محمّد بن سلام - وهو السادس في القائمة - في كتاب الجزية في باب اخراج اليهود من جزيرة العرب ، ولدى المقارنة بين الروايتين نجد تفاوتاً في اللفظ وزيادة في رواية محمّد بن سلام لم ترد في رواية قبيصة .
[1] المصنف 6 / 57 و 10 / 361 ط المكتب الإسلامي . [2] عنوان الباب لا يدل عليه حديث الباب الّذي لم يذكر البخاري فيه غيره ، وقد أربك شراح صحيحه في توجيه ذلك وأكثرهم جهداً ابن حجر في فتح الباري 6 / 510 ط البابي الحلبي ، فراجع . [3] صحيح البخاري 4 / 69 ط بولاق .