يتقون العدسة كما يتقون الطاعون ، فقال رجل : انطلقا فأنا معكما ، قال : فوالله ما غسّلوه إلاّ قذفاً بالماء عليه من بعيد ، ثم احتملوه فقذفوه في أعلا مكة إلى جدارٍ وقذفوا عليه الحجارة » [1] . أقول : ورواه الحاكم [2] ، والهيثمي في المجمع [3] ، وأحمد في مسنده [4] ، والبزار [5] ، والنويري [6] ، وغيرهم . ومن هذا الحديث يظهر إن استضعاف المشركين للمسلمين كان حتى بعد واقعة بدر وأن أبا رافع كان من المسلمين المستضعفين ، كما يدل عليه قول أم الفضل لأبي لهب ، كما أنّ ما فعلته بأبي لهب عدو الله وعدو رسوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ليدل على قوة إيمانها وصلابة عقيدتها ؟ كما يدل على قوة جنانها وشجاعتها . شكر الله تعالى لها ذلك الموقف البطولي الذي أودت فيه بحياة عدو من ألدّ أعداء الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) . وقد ذكر المؤرخون : انّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يزورها في بيتها ، ويقيل - من القيلولة وهي نومة الضحى - عندها أيام كان بمكة [7] . وكانت من فواضل النساء ، هاجرت إلى المدينة بهجرة زوجها ، وقد روي في حقها وحق أخواتها شهادة من النبيّ الكريم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بإيمانهن .
[1] المعجم الكبير للطبراني 1 / 308 ط الثانية . [2] مستدرك الحاكم 3 / 322 . [3] مجمع الزوائد 6 / 89 . [4] مسند أحمد 6 / 9 . [5] مسند البزار / ح 778 . [6] نهاية الإرب 17 / 31 . [7] الاستيعاب 2 / 758 ، والعقد الثمين للفاسي 8 / 315 .