أقول : وهذا ممّا لا شك فيه ، ولكن لا يعني انّ كل ما جمعوه كان من الموضوعات ، كما لا نشك بأنه كانت له مكانة مرموقة وسجايا طيبة كما لا نشك بأنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يحب عمه العباس وله عنده منزلة نوّه عنها بقوله : ( لا تؤذونني في عمي العباس ، عم الرجل صنو أبيه ، هذا عمي وصنو أبي ) . ففي أمالي الشيخ الطوسي عن عليّ ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( إنّما عم الرجل صنو أبيه ) [1] . وأخرج البغوي عن عليّ ( عليه السلام ) : ( انّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال لعمر في عمه العبّاس : إنّ عم الرجل صنو أبيه ) [2] . ولعل ما رواه البغوي مختصراً هو ما أخرجه ابن سعد في الطبقات ، والفسوي في كتاب المعرفة والتاريخ : « انّ رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم استعمل عمر بن الخطاب على السعاية ، فأتى العبّاس يطلب صدقته ، فأغلظ له العباس ، فأتى عمر عليّاً وذكر ذلك له ليذكره للنبيّ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم فأتاه عليّ ( عليه السلام ) فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم لعمر : ( تربت يداك ، أما علمت أنّ عم الرجل صنو أبيه ، إن العباس أسلفنا زكاة العام عام الأول ) » [3] . وقد رواه الفسوي بعد ذلك مرة أخرى بتفاوت في السند والمتن ، فراجع [4] .
[1] أمالي الطوسي 1 / 280 . [2] مصابيح السنة 2 / 207 . [3] طبقات ابن سعد 4 ق 1 / 17 ، كتاب المعرفة والتاريخ 1 / 500 . [4] جاء في كنز العمال 6 / 552 ط مؤسسة الرسالة بحلب : عن عليّ أن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) تعجل من العباس صدقة عامين - عن مصنف عبد الرزاق - . وجاء فيه أيضاً عنه : أن العباس سأل النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في تعجيل صدقته قبل أن تحلّ فرخّص له في ذلك ، نقلاً عن أحمد والدارمي وأبي داود وابن ماجة والترمذي وابن جرير وصححه وابن خزيمة والحاكم في المستدرك وغيرهم .