الثالث عشر : البدر العيني وهذا من شراح صحيح البخاري ومعاصر لابن حجر ، وقيل في كتابه ( عمدة القاري ) سطو على فتح الباري ، ولا يعنينا هذا بقدر ما يعنينا ما جاء فيه من قوله : « قوله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم : ( لا ينبغي عندي التنازع ) ، فيه إشعار بأن الأولى كان المبادرة إلى امتثال الأمر وإن كان ما أختاره عمر صواباً » [1] ؟ أقول : أتريد تهالكاً في التبرير أكثر من هذا ، الأولى المبادرة إلى امتثال أمره ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وإن كان ما اختاره عمر صواباً ؟ لماذا ؟ فإن كان مراده لفظ ( لا ينبغي ) إنّما يدل على الكراهة ، كما أنّ لفظ ينبغي يدل على الاستحباب ، فمن أجل ذلك يكون فيه اشعار بأولوية المبادرة ، فيكون ما اختاره عمر صواباً وان كان خلافاً لما هو أولى ، فهذا إنّما يتم له لو كان خالياً عن القرينة ، فكيف والقرينة حالية ومقالية . فالحالية زمان ومكان الصدور والمقالية : أوّلاً : قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( إئتوني ) هو أمر والأمر ظاهر في الوجوب إلاّ أن تكون قرينة صارفة وليست في المقام . ثانياً : قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( لن تضلوا بعده أبداً ) وهذا نص في أنّ الحقّ هو امتثال أمره وعند عدمه لابدّ أن يبقوا عرضة للضلال ، فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال . وهل ترك المندوب يوجب الضلال ؟ ثالثاً : قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( قوموا عني ) فلو لم يكن أمره للوجوب لما كان لتنازعهم معنى ، كما لا موجب لطردهم من بيته . رابعاً : بكاء ابن عباس ( رضي الله عنه ) حتى يبلّ دمعه الحصى . فهل كان لفوات إمتثالهم أمراً ندبياً ؟ أم أنّ بكاءه يدل على تفويتهم أمراً وجوبياً يعصمهم وجميع الأمة من