لكان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يبيّنه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنّه أطوع الخلق له ، فعلم أنّه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجباً ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذٍ ، إذ لو وجب لفعله . ولو أنّ عمر اشتبه عليه أمر ثمّ تبين له أو شك في بعض الأمور فليس هو أعظم ممّن يفتي ويقضي بأمور ، ويكون النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد حكم بخلافها مجتهداً في ذلك ، ولا يكون قد علم حكم النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فإنّ الشك في الحقّ أخف من الجزم بنقيضه ، وكلّ هذا باجتهاد سائغ كان غايته أن يكون من الخطأ الّذي رفع المؤاخذة به [1] . . . إلى آخر ما ذكره من تهويش وتشويش لا يسمن ولا يغني . مع ابن تيمية : وفي كلامه مواقع كثيرة للنظر نشير إلى بعضها : أوّلاً : زعمه فضل عمر على الأمة بعد أبي بكر وإنه كان محدّثاً ملهما ؟ وهذا منطق علماء التبرير في كلّ زمان ، ولكن لنا أن نسأل أين يغيب عنه ذلك الفضل والإلهام حين تعتاص عليه الأمور ، فلا يجد مخرجاً إلاّ عند الآخرين ، فيلجأ إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وما أكثر المواطن الّتي قال فيها : « لولا عليّ لهلك عمر » ، و « لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن » ؟ وأين يكون ذلك الفضل المزعوم والإلهام الموهوم حين تطرأ عليه العضل وهو لا يعرف لها مخرجاً ، فيدعو ابن عباس فيقول له : « قد طرأت علينا عضل أقصية أنت لها ولأمثالها » ؟