أنّه مصلحة أو أوحي إليه بذلك ، ثمّ ظهر أنّ المصلحة تركه أو أوحي إليه بذلك ، ونسخ ذلك الأمر الأوّل . وأمّا كلام عمر ( رضي الله عنه ) فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنّه من دلائل فقه عمر وفضائله ، ودقيق نظره ، لأنّه خشي أن يكتب ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أموراً ربّما عجزوا عنها وأستحقوا العقوبة عليها لأنّها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها ، فقال عمر : حسبنا كتاب الله لقوله تعالى : * ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ) * [1] وقوله : * ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) * [2] ، فعلم أنّ الله تعالى أكمل دينه فأمن من الضلال على الأمة ، وأراد الترفيه على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فكان عمر أفقه من ابن عباس [3] . مع النووي : لابدّ لنا من وقفة مع النووي ! أوّلاً : في المقدمة الّتي ذكرها في عصمة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في التبليغ وعدمها من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام فقال في ذلك : وقد سحر صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم حتى صار يخيّل إليه أنّه فعل الشيء ولم يكن فعله ، وقد أعتبر ذلك غير مضرّ برسالته . فنقول له : إن ما ورد من أخبار القصّاص الجهال بأنه سحر حتى صار كيت وكيت لا يمكن التصديق بها ، وإن رواها البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة وغيرها ، فهي أشبه بحديث خرافة ، ويكفي في ردّها جملةً وتفصيلاً قول الله
[1] الأنعام / 38 . [2] المائدة / 3 . [3] شرح صحيح مسلم للنووي 11 / 90 ط مصر .