وحيث مرّت بنا نماذج من أقوالهم وردّها ، فلا نطيل الوقوف ثانياً عندها . إلاّ أنّ من حقنا أن نسأله لما ذكر الحديث أوّلاً مبهِماً أسماء القائلين وهم جماعة . ثمّ صرّح أخيراً باسم عمر وهو مفرد ؟ فهل كان عمر هو الجماعة ؟ ( كلّ عضوٍ في الروع منه جموع ) ؟ ولماذا قال أخيراً ولا يظن به ذلك ؟ أليس ذلك من ابن الأثير هو التبرير الفطير ، فلماذا لا يظن بعمر ذلك وهو رأس الحربة الّتي طعنت النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في فؤاده ، إذ عارضه فلم يمكنّه من بلوغ مراده . فهل أنّ مقامه فوق مقام الرسول الكريم ، فيجب أن يحترم ولو على حساب كرامة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، اللّهم إن هذا الرد بهتان عظيم . سابعاً : النووي قال : في شرحه صحيح مسلم : بعد مقدمة في عصمة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ممّا يخل بالتبليغ : وليس معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها ، ممّا لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته ، وقد سحر ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) حتى صار يخيّل إليه أنّه فعل الشيء ولم يكن فعله ، ولم يصدر منه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام الّتي قرّرها . ثمّ قال : فإذا علمت ما ذكرناه فقد أختلف العلماء في الكتاب الّذي همّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) به . فقيل : أراد أن ينص على الخلافة في انسان معين لئلا يقع نزاع وفتن . وقيل : أراد كتاباً يبيّن فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ، ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه وكان النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) همّ بالكتاب حين ظهر له