مع القاضي عياض : لقد كانت غاية محاولة القاضي هي تبرير ما صدر من عمر بن الخطاب في ذلك اليوم التعيس ، يوم الخميس ، ولكنها محاولة بائسة ويائسة . فهو استعرض : أوّلاً : تحقيق الصيغة اللفظية الّتي كانت سبب الاختلاف ، ثمّ التشكيك في تعيين قائلها وذلك من خلال ما ذكره من سياق الروايات المختلفة . حتى أنهاها إلى ثماني روايات كما يلي : 1 - فقال بعضهم : انّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد غلبه الوجع . 2 - وفي رواية : فتنازعوا فقالوا ما له أهجر أستفهموه . 3 - وفي بعض طرقه : أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يَهجَرُ - ( بفتحتين هكذا في النسخة المُعربة المطبوعة بإسلامبول سنة 1304 ه - ) - . 4 - وفي رواية : هَجَر . 5 - ويروى : أهَجرٌ . 6 - ويروى : أهُجراً . 7 - وفيه فقال عمر : أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد أشتد به الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا وكثر اللغط . 8 - وفي رواية : واختلف أهل البيت وأختصموا فمنهم من يقول قرّبوا يكتب لكم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كتاباً ، ومنهم من يقول ما قال عمر . أقول : وهذه الروايات الّتي أشار إليها تترك القارئ في حيرة من أمر القاضي ، وكأنه يحاول التعتيم على الحقيقة ، فيعرض لها دون بيان الصحيح منها ، فهو يترك القارئ في دروب من المتاهات .