في عهد النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : تبدأ شخصية حبر الأمة بالظهور المتلأليء في عهد ابن عمه صاحب الرسالة ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وتحتل بفضل نبوغها المبكّر مكانتها اللائقة بمثله ، بفضل ما حصلت عليه ، ممّا صار يغبطه عليها - بعد ذلك - كثير من أبناء الصحابة ، بل وحتى من الصحابة الّذين فاقهم بأستعداده الفطري ، وحسن تلقّيه ، وشدة ذكائه ، ما جعله متميزاً - بفضل ما لديه من الموروث والمكتسب - فكان حرياً بأن يوليه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو مربّيه عنايته التامة ، ويغدق عليه من فضل معارفه ، ما أكسبه أن يكون بحق ( حبر الأمة ) بالرغم من قصر تلك الفترة الّتي حظي فيها بصحبته . وإن تكن الروايات الّتي تحدثت عن فترة صحبته للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم تخل من مزايدات مناقبية عباسية البصمات ، كما لم تسلم من مفارقات أموية الطابع ، فكانت مثار بعض الشبهات ولكن عكست آثارها على المروي عنه وفيه ، وبالرغم من دس هذه وتلك ، فإنّه يسع الباحث أن يستخلص من بين أكداس الشوائب ما يصحّ له فيتحدّث عنه . وذلك من خلال سلامة الرواية طريقاً واتفاق الأنصار والخصوم على روايته . وإذا رجعنا إلى تاريخ بدء هجرته ونهاية صحبته فلا تتجاوز تلك الفترة أعوامها الثلاثة ، فقد مرّ بنا أنّه كان مع أبيه في هجرته في أواخر عام ثمان من