أبا بصير يقول : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : بعث هشام بن عبد الملك إلى أبي ، فأشخصه إلى الشّام ، فلمّا دخل عليه قال له : يا أبا جعفر أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري ، ولا أعلم في الأرض خلقاً ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلاّ واحداً ، فقال أبي : ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ ، فإن علمت أجبت ذلك وإن لم أعلم قلت : لا أدري وكان الصّدق أولى بي . فقال هشام : أخبرني عن اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) بما استدلّ به الغائب عن المصر الّذي قتل فيه على قتله وما العلامة فيه للنّاس ، فإن علمت ذلك وأجبت فأخبرني هل كان تلك العلامة لغير عليّ ( عليه السلام ) في قتله فقال له أبي : يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قتل فيها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها هارون أخو موسى ( عليهما السلام ) ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها يوشع بن نون ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي رفع فيها عيسى بن مريم إلى السّماء وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها شمعون بن حمون الصّفا ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين بن عليّ ( عليهما السلام ) . قال : فتربّد وجه هشام حتّى انتقع لونه وهمّ أن يبطش بأبى ، فقال له أبي : يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم والصّدق له بالنّصيحة ، وأنّ الّذي دعاني إلى أن أجبت أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي إيّاه بما يجب له عليّ من الطّاعة فليحسن أمير المؤمنين عليّ الظنّ ، فقال له هشام : انصرف إلى أهلك إذا شئت ، قال : فخرج . فقال له هشام عند خروجه : أعطني عهد الله وميثاقه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحد حتى أموت ، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه . ( 1 ) [ 642 ] - 8 - قال المسعوديّ : وروى إنّ ابن عبّاس قال في صبيحة اليوم الّذي قتل فيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إنّي