قال : لمّا تُوفّى عليّ ابن أبي طالب ( عليه السلام ) قام رجل من بني تميم - كان على حرسه في مسجد الكوفة - بعد ما صلّوا عليه فقال : رحمك الله يا أمير المؤمنين فلئن كان حياتك مفتاح خير ومغلاق شرّ - وكنت للنّاس علماً منيراً يعرف به الهدى من الضّلالة والخير من الشّرّ - [ ف ] إنّ وفاتك لمفتاح شرّ ومغلاق خير وإنّ فقدانك لحسرة وندامة ولو أنّ النّاس قبلوك بقبولك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولكنّهم اختاروا الدّنيا على الآخرة فأصبحوا بعدك حيارى في سبل المطالب قد غلب عليهم الشّقاء والدّاء العياء فهم ينتقضونها كما ينتقض الحبل من برمه فتبّاً لهم خلفاً تقبّلوا سخفاً وباعوا كثيراً بقليل وجزيلاً بيسير فكرّم الله مآبك وضعّف ثوابك وعليك السّلام ورحمة الله وبركاته . ( 1 ) [ 618 ] - 10 - روى المفيد : عن عبّاد بن يعقوب الرّواجنيّ ، قال : حدّثنا حيّان بن عليّ العنزيّ ، قال : حدّثني مولى لعليّ ابن أبي طالب قال لمّا حضرت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الوفاة قال للحسن والحسين ( عليهما السلام ) : إذا أنا متّ فاحملاني على سريري ثمّ أخرجاني واحملا مؤخّر السّرير فإنّكما تكفيان مقدّمه ثمّ ائتيا بي الغريين فإنّكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نوراً فاحتفرا فيها فإنّكما تجدان فيها ساجة فادفناني فيها . قال : فلمّا مات أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخّر السّرير ونكفي مقدّمه وجعلنا نسمع دويّاً وحفيفاً حتّى أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورها فاحتفرنا فاذاً ساجة مكتوب عليها هذه ممّا ادّخرها نوح [ ( عليه السلام ) ] لعليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) فدفنّاه فيها وانصرفنا ونحن مسرورون بإكرام الله لأمير المؤمنين فلحقنا قوم من الشّيعة لم يشهدوا الصّلاة عليه فأخبرناهم بما جرى وبإكرام الله عزّوجلّ لأمير المؤمنين . فقالوا : نحبّ أن نعاين من أمره ما عاينتم . فقلنا : لهم إنّ الموضع قد عفى أثره بوصيّة منه فمضوا وعادوا إلينا فقالوا إنّهم احتفروا فلم يجدوا شيئاً . ( 2 )
1 . مقتل ابن أبي الدّنيا : 109 ح 103 ، ربيع الأبرار 4 : 208 روى بعضه مع اختلاف . 2 . الارشاد : 19 ، فرحة الغري : 51 ، البحار 42 : 220 ح 26 عن الارشاد وفرحة الغريّ ، ارشاد القلوب : 435 مع تفاوت .