أسلم ، فقال لهم : انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه ; وخرج إليهم الزّبير بسيفه ، فقال عمر : عليكم الكلب ، فوثب عليه سلمة بن أسلم ، فأخذ السّيف من يده فضرب به الجدار ، ثمّ انطلقوا به وبعليّ ومعها بنو هشام ، وعليّ يقول : أنا عبد الله وأخو رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ; حتّى انتهوا به إلى أبي بكر ، فقيل له : بايع ، فقال : أنا أحقّ بهذا الأمر منكم ، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله ، فأعطوكم المقادة وسلّموا إليكم الإمارة وأنا أحتجّ عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار . فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم ، وأعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم ، وإلاّ فبّوءوا بالظّلم وأنتم تعلمون . فقال عمر : إنّك لست متروكا حتّى تبايع . فقال عليّ : احلب يا عمر حلباً لك شطره ! اشدد له اليوم أمره ليردّ عليك غداً ! ألا والله لا أقبل قولك ولا أبايعه . فقال له أبو بكر : فإن لم تبايعني لم أكرهك فقال له أبو عبيدة : يا أبا الحسن ، أنّك حديث السّنّ ، وهؤلاء مشيخة قريش قومك ، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك ، وأشدّ احتمالاً لها واضطلاعاً به ، فسلّم له هذا الأمر وارض به ، فإنّك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق ; في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك . فقال عليّ : يا معشر المهاجرين ، الله الله ! لا تخرجوا سلطان محمّد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في النّاس وحقّه ، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن - أهل البيت - أحقّ بهذا الأمر منكم . أما كان منّا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بالسنّة ، المضطلع بأمر الرعيّة ! والله إنّه لفينا ، فلا تتّبعوا الهوى ، فتزدادوا من الحقّ بعداً . فقال بشير بن سعد : لو كان هذا الكلام سمعتْه منك الأنصار يا عليّ قبل بيعتهم لأبى بكر ، ما اختلف عليك اثنان ، ولكنّهم قد بايعوا .