نام کتاب : موسوعة المصطفى والعترة ( ع ) نویسنده : الحاج حسين الشاكري جلد : 1 صفحه : 502
و قد لمست الانسانية فضله العميم عليها ، حيث قد أخرجهم ونقلهم من الظلام إلى النّور ، ونقلهم من حضيض الجهل إلى أوج العلم والمعرفة ، وكوّن منهم هذه الأمة التي قال عنها سبحانه : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) [1] . وكان ( صلى الله عليه وآله ) ، النّموذج الأمثل لما دعا اليه ، والقدوة الصالحة لكلّ من تأثّر بسيرته ، فلم يأمر الأمة بشيء إلاّ كان السباق إلى الاتصاف بما يأمرهم به ، والمنهىّ عن كلّ ما ينهاهم عنه . . . وقد أدى الأمانة وحفظ ما استودع . . ولمّا كانت رسالته قد أريد لها أن تكون خاتمة الرسالات ، فقد اشتملت على كلّ مقوّمات البقاء والاستمرار لما فيها من شموليّة واستيعاب ، ولكن وبالرّغم من شمول تلك الرسالة ، وتكفّلها لحاجات البشرية ، فلابدّ لها من قادة وحفظه يواكبون بها سير التطبيق والرعاية ، فقد جاء التأكيد من قبله ، بأنّ الذين أُسندت إليهم هذه المهمة هم ذريته وعترته الأقربون . ولقد توافروا على صفات الكمال ، من طهر الذات ، وجمال الصفات ، بما لم يُعهد في غيرهم ممّن عاصرهم أو ممن جاء بعدهم . و قد برهنوا على هذه الأحقية بما كانوا عليه من الوحدة السلوكية التي كانوا عليها ، بالرّغم من تباعد الزّمن ، واختلاف الظروف ، وتبدّل الأحوال . فإذا قرأت سيرة الأمام الحسن العسكري الذي عاش في العصر العباسي ، فإنّك لا تجد ما يُبعد هذه السيرة عن سيرة علي ، وعن سيرة الحسن والحسين ( عليهم السلام ) ، الذي عاشوا في صدر الرسالة ، وما ذلك إلاّ دليل عصمتهم وطهارتهم ومشربهم الواحد ، فكانوا جميعاً الامتداد الطبيعي لسيرة جدهم المصطفى : قوم كأوّلهم في الفضل آخرهم * والفضل أن يتساوى البدء والعقبُ وقد أكّد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) على ما لذريته من مقام ومنزلة متميّزة ، بحديث الثّقلين ، حيث قال : إني مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا وقد نبّأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا