فقال له : فعن علم اللّه أسألك . فقال ( عليه السلام ) له : ومن علم اللّه أُخبرك . قال : يا أبا الحسن ! ما رواه الناس أنّ أبا طالب يوقف إذ حوسب الخلائق بين الجنّة والنار ، وفي رجله نعلان من نار يغلي منهما دماغه ، لا يدخل الجنّة لكفره ولا يدخل النار لكفالته رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدّه قريشاً عنه ، والسرّ على يده حتّى ظهر أمره ؟ قال له أبو الحسن ( عليه السلام ) : ويحك ! لو وضع إيمان أبي طالب في كفّة ووضع إيمان الخلائق في الكفّة الأُخرى ، لرجّح إيمان أبي طالب على إيمانهم جميعاً قال له المتوكّل : ومتى كان مؤمناً ؟ قال ( عليه السلام ) له : دع ما لا تعلم ، واسمع ما لا تردّه المسلمون [ جميعاً ] ولا يكذبون به ، اعلم أنّ رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حجّ حجّة الوداع ، فنزل بالأبطح بعد فتح مكّة ، فلمّا جنّ عليه الليل أتى القبور ، قبور بني هاشم ، وقد ذكر أباه وأُمّه وعمّه أبا طالب ، فداخله حزن عظيم عليهم ورقّة ، فأوحى اللّه إليه أنّ الجنّة محرّمة على من أشرك بي ، وإنّي أُعطيك يا محمّد ! ما لم أُعطه أحداً غيرك ، فادع أباك وأُمّك وعمّك فإنّهم يجيبونك ويخرجون من قبورهم أحياء لم يمسّهم عذابي لكرامتك عليّ ، فادعهم إلى الإيمان [ باللّه وإلى ] رسالتك و [ إلى ] موالاة أخيك عليّ والأوصياء منه إلى يوم القيامة ، فيجيبونك ويؤمنون بك . فأهب لك كلّ ما سألت ، وأجعلهم ملوك الجنّة كرامة لك يا محمّد ! فرجع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له : قم يا أبا الحسن ! فقد أعطاني ربّي هذه الليلة ما لم يعطه أحداً من خلقه في أبي وأُمّي وأبيك عمّي ، وحدّثه بما أوحى اللّه إليه وخاطبه به ، وأخذ بيده وصار إلى قبورهم ، فدعاهم إلى الإيمان باللّه وبه وبآله ( عليهم السلام ) ، والإقرار بولاية عليّ