أربعمائة درهم ، فلو أعطانيها لانتفعت بها . قال : قلت له : ما كنت صانعاً بها ؟ قال : كنت أشتري منها بمائتي درهم خرقاً تكون في يدي ، أعمل منها قلانس ، وأشتري بمائتي درهم تمراً فأنبذه نبيذاً . قال : فلمّا قال لي ذلك أعرضت عنه بوجهي ، فلم أكلّمه لما ذكر ، وأمسكت ، وأقبل أبو الحسن ( عليه السلام ) على أثر هذا الكلام ، ولم يسمع هذا الكلام أحد ولا حضره ، فلمّا أبصرت به قمت إجلالاً له ، فأقبل حتّى نزل بدابّته في دار الدوابّ ، وهو مقطّب [1] الوجه ، أعرف الغضب في وجهه ، فحين نزل عن دابّته دعاني ، فقال : يا مقبل ! ادخل . فأخرج أربعمائة درهم ، وادفعها إلى فتح هذا الملعون ، وقل له : هذا حقّك فخذه واشتر منه خرقاً بمائتي درهم ، واتّق اللّه فيما أردت أن تفعله بالمائتي درهم الباقية . فأخرجت الأربعمائة درهم ، فدفعتها إليه وحدّثته القصّة ، فبكى وقال : واللّه ! لا شربت نبيذاً ولا مسكراً أبداً ، وصاحبك يعلم ما نعمل [2] . ( ) 18 - أبو جعفر الطبريّ ( رحمه الله ) : حدّثني أبو عبد اللّه القمّيّ قال : حدّثني ابن عيّاش [3] قال : حدّثني أبو الحسين محمّد بن إسماعيل بن أحمد الفهقليّ [4]
[1] قَطَّب وجهه تقطيباً : أي عبس وغضب . لسان العرب : 1 / 680 ( قطب ) . [2] دلائل الإمامة : 417 ، ح 381 ، عنه مدينة المعاجز : 7 / 447 ، ح 2450 ، وإثبات الهداة : 3 / 385 ، ح 80 ، أشار إلى مضمونه . نوادر المعجزات : 186 ، ح 5 ، بتفاوت . قطعة منه في : ( غضبه عليه السلام على من أراد فعل الحرام ) و ( مركبه عليه السلام ) و ( إجلال الناس له عليه السلام ) و ( أداء دَينه عليه السلام ) و ( أحواله عليه السلام مع المتوكّل ) و ( ذمّ فتح القلانسي ) . [3] في النوادر : ابن عيسى . [4] في المدينة : الفهفكي .