فقلت : لا أعرفه ، وكان عند السيّد عام الأوّل ، وأنا أدخلك عليه ، وأسألك يا أخي ! لا تتحدّث . قلت : نعم ! لك هذا ، فإنّي رجل مرتاد إليك أريد فكاك رقبتي من النار . فقالت : إنّي أدخل عليه إن شاء اللّه بعد الظهر . ثمّ نزلت من عندي وصعدت بطبق فيه أربع أرغفة وقثّاء مفرّم وبطّيخ وصينيّة وكوز ماء ، فقالت : كل . فقلت : إنّي أكلت ، وجئت . فقالت : أسألك أن تأكل فإنّ هذا من الخبز الذي يجري على السيّد ، فأكلت منه رغيفاً من القثّاء والبطّيخ . فلمّا صدرت جاءت وقالت : قم ! فقمت . فأدخلتني في دهليز جعفر وردت الباب ، فجلست مع خادمه الأبيض ، ودخلت الامرأة إليه ثمّ خرجت ، وقالت لي : ادخل ! فدخلت بدهليز طوله عشرون ذراعاً ضيق ، فإذا بوسطه بئر ماء ، وإذا على يساره حجرة ، وقدّام الدهليز باب ، فدخلت فإذا بدهليز آخر ، فدخلت فرأيت داراً كبيرة واسعة ، فإذا فيها أسرّة عدّة ، وفيها قبّة مكتسية من خشب من يسار الدار ، وقدّام الدار بيت ، وعن يمينه بيوت غيره عدّة . فرفع الستر من البيت الأوّل ، فدخلت فإذا جعفر جالس على سرير قصير في البيت ، فسلّمت فناولني يده ، فقبّلتها ، وجثوت [1] بين يديه . فقال لي : كيف طريقك ، كيف أنت ، وكيف أصحابك ؟
[1] جثا يجثو ويجثي جثوّاً وجثيّاً : جلس على ركبتبه للحضومة ونحوها . لسان العرب : 14 / 131 .