عرشاً مسوّغاً من أصناف الجواهر إلى صحن القصر ، فرفعه فوق أربعين مرقاة . فلمّا صعد ابن أخيه ، وأحدقت به الصلبان ، وقامت الأساقفة عكفاً ، ونشرت أسفار الإنجيل تسافلت الصلبان من الأعالي ، فلصقت بالأرض ، وتقوّضت الأعمدة ، فانهارت إلى القرار ، وخرّ الصاعد من العرش مغشيّاً عليه ، فتغيّرت ألوان الأساقفة ، وارتعدت فرائصهم ، فقال كبيرهم لجدّي : أيّها الملك ! اعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالّة على زوال هذا الدين المسيحي والمذهب الملكاني ، فتطيّر جدّي من ذلك تطيّراً شديداً . وقال للأساقفة : أقيموا هذه الأعمدة ، وارفعوا الصلبان ، وأحضروا أخا هذا المدبّر العاثر المنكوس جدّه لأُزوّج منه هذه الصبيّة ، فيدفع نحوسه عنكم بسعوده . فلمّا فعلوا ذلك حدث على الثاني ما حدث على الأوّل ، وتفرّق الناس ، وقام جدّي قيصر مغتمّاً ودخل قصره وأرخيت الستور ، فأريت في تلك الليلة كان المسيح والشمعون وعدّة من الحواريّين قد اجتمعوا في قصر جدّي ، ونصبوا فيه منبراً يباري السماء علوّاً ، وارتفاعاً في الموضع الذي كان جدّي نصب فيه عرشه ، فدخل عليهم محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع فتية ، وعدّة من بنيه ، فيقوم إليه المسيح ، فيعتنقه فيقول : يا روح اللّه ! إنّي جئتك خاطباً من وصيّك شمعون فتاته مليكة لابني هذا ، وأومأ بيده إلى أبي محمّد صاحب هذا الكتاب . فنظر المسيح إلى شمعون ، فقال له : قد أتاك الشرف ، فصل رحمك برحم رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : قد فعلت ، فصعد ذلك المنبر وخطب محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وزوّجني ، وشهد المسيح ( عليه السلام ) ، وشهد بنو محمّد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والحواريّون . فلمّا استيقظت من نومي أشفقت أن أقصّ هذه الرؤيا على أبي وجدّي مخافة القتل ، فكنت أسرّها في نفسي ولا أبديها لهم ، وضرب صدري بمحبّة أبي محمّد حتّى امتنعت من الطعام والشراب ، وضعفت نفسي ، ودقّ شخصي ، ومرضت