يقدر عليه ، وتوجّه إلى الطرف الشرقيّ قاصداً السلوك إلى الشبّاك الذي في الطرف الغربي . فلمّا وصل إلى الركن ، وأراد الانحراف إلى طرف الشبّاك ، رأى ثلاثة أشخاص مقبلين صافّين إلاّ أنّ أحدهم متقدّم على الذي في جنبه بيسير ، وكذا الثاني ممّن يليه ، وكان الثالث هو أصغرهم وفي يده قطعة رمح ، وفي رأسه سنان ، فبهت المزوّر عند رؤيتهم . فتوجّه صاحب الرمح إليه ، وقد امتلأ غيظاً ، واحمرّت عيناه من الغضب ، وحرّك الرمح مريداً طعنه قائلا : يا ملعون بن الملعون ! كأنّه جاء إلى دارك أو إلى زيارتك فمنعته ؟ فعند ذلك توجّه إليه أكبرهم مشيراً بكفّه مانعاً له ، قائلا : جارك ارفق بجارك فأمسك صاحب الرمح ، ثمّ هاج غضبه ثانياً محرّكاً للرمح قائلا ما قاله أوّلا ، فأشار إليه الأكبر أيضاً كما فعل ، فأمسك صاحب الرمح . وفي المرّة الثالثة لم يشعر المزوّر أن سقط مغشيّاً عليه ، ولم يفق إلاّ في اليوم الثاني أو الثالث ، وهو في داره أتوا به أقاربه ، بعد أن فتحوا الباب عند المساء لمّا رأوه مغلّقاً ، فوجدوه كذلك وهم حوله باكون . فقصّ عليهم ما جرى بينه وبين الزائر والأشخاص وصاح : أدركوني بالماء فقد احترقت وهلكت ، فأخذوا يصبّون عليه الماء ، وهو يستغيث إلى أن كشفوا عن جنبه فرأوا مقدار درهم منه ، قد اسودّ وهو يقول : قد طعنني صاحب القطعة ، فعند ذلك أشخصوه إلى بغداد ، وعرضوه على الأطبّاء ، فعجز الأطبّاء من علاجه ، فذهبوا به إلى البصرة وعرضوه على الطبيب الإفرنجي ، فتحيّر في علاجه . . . فقال مبتداً : إنّي أظنّ أنّ هذا الشخص قد أساء الأدب مع بعض الأولياء ، فاشتدّ بهذا البلاء . فلمّا يئسوا من العلاج رجعوا به إلى بغداد فمات في الرجوع إمّا في الطريق أو