فقال : قم يا محمّد إلى حانوتك ! وعدّ ستّة أسفاط من متاعك ، وافتح السفط [1] السابع ، وأعزل الثوب الأوّل الذي تلقاه بأوّله ، وخذ الثوب الثاني فافتحه ، وخذ الحبرة التي في طيّه ، وفيها رقعة في ثمن الحبرة وما رسم لك فيها من الربح ، وهو في العشرة اثنان ، والثمن اثنان ، وعشرون ديناراً ، وأحد عشر قيراطاً ، وحبّة . وانشر الرزمة العظمى في متاعك ، فعدّ منها ثلاثة أثواب ، وافتح الثوب الرابع فإنّك تجد في طيّه حبرة في طيّها رقعة الثمن تسعة عشر ديناراً ، وتسع قراريط وحبّتان ، الربح العشرة اثنان . فقلت : نعم ! ولا علم لي بذلك ، فوقفت عند قيامي بين يديه ، فمشيت القهقرى ، ولم أول ظهري إجلالا وإعظاماً ، وأنا لا أعرفه . فقال لي الخادم ونحن في الطريق : طوبى لك ! لقد أسعدك اللّه بقدومك ، فلم أُغيّر قولي نعم ، وصرت إلى حانوتي ، ودعوت الرجل ، وقصصت عليه قصّتي وما قال لي . فوضع خدّه للأرض ، وبكى ، وقال : قولك : يا مولاي حقّ ، فعلمه من علم اللّه ، وقام إلى الأسفاط والرزم ، واستخرج الحبرتين وأخرج الرقعتين . فوجدنا رأس المال والربح موضوحاً في طيّ الحبرتين ، كما قال ( عليه السلام ) . فقلت : يا عمّ ! أيّ شيء هذا الإنسان ، كاهن أو حاسب أو مخدوم ؟ فبكى وقال : يا بني ! لم تخاطب بما خوطبت به إلاّ لأنّ لك عند اللّه منزلة ، وسيعلم من لا يعلم . فقلت : يا عمّ ! ما لي قلب أرجع إليه .
[1] السَفَطْ أسفاط : وعاء كالقفّة أو الجُوالق ، مايعبّأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء . المنجد : 337 ، ( سفط ) .