فقالت : يا بني ! قد أجاب اللّه دعاءك ودعائي لك ، فقم ولا تقعد . فأصلحت شأني وخرجت ، ومعي علي الذهبي من سوق الصاغة بالكوفة ، ووصّته بي خيراً ، وأمرته قبل يدي لأنّي كنت حدثاً . فخرجنا من الكوفة إلى بغداد ووقف ، إنّي نزلت على عمّ لي حبيس ، وكانت ليلة الشعانين [1] ، فدعوني إلى أن خرجت معهم إلى الشعانين ، وصاروا بي إلى دار الروميّين . ودخلوا إلى دار الخمّار ، وهو من بعض النصارى ، وأحضروا طعاماً ، فأكلت معهم ، وابتاعوا خمراً ، وسألوني أن أشرب معهم ، فلم أفعل وغلبوا على رأيي وسقوني ، فشربت . وجاؤوا بغلمان حسان فحملوني أن أفعل كما فعلوا ، فزيّن لي الشيطان سوء عملي ، ففعلت . وأقمت أيّاماً ببغداد ، وخرجت إلى العسكر فوردتها ، وأفضت عليّ الماء من الدجلة ، ولبست ثياباً طاهرة ، وصرت إلى المسجد الذي على باب سيّدي أبي محمّد الحسن ( عليه السلام ) ، وفيه قوم يصلّون ، فصلّيت معهم ، ودخلت فإذا أنا بسرور الخادم قد دخل المسجد ، فقمت مسروراً إليه . فوضع يده بصدري ودفعني عنه ، ثمّ قال لي : هاك ، وطرح بيدي دنانيراً ، وقال لي : مولاي يقول لك ويأمرك أن لا تصير إليه ، فتقدّم من وصولك ببغداد ، وارجع من حيث جئت ، وهذه نفقتك من دارك بالكوفة ، وإليها راجعاً إلى ما أنفقته في دار الروميّين . فرجعت باكياً إلى بغداد ، ومنها إلى الكوفة ، وأخبرت والدتي بما كان منّي
[1] عيد السعانين ، والمشهور الشعانين : عيد الأحد الذي قبل الفصح ( عبرانيّة ) . المنجد : 336 ، ( سعن ) ، و 393 ، ( شعن ) .