وذلك أنّ لغلبة الأروام [1] ، وأجلاف العرب على سرّ من رأى ، وقلّة اعتنائهم بإكرام الروضة المقدّسة ، وجلاء السادات ، والأشراف لظلم الأروام عليهم منها . وضعوا ليلة من الليالي سراجاً داخل الروضة المطهّرة في غير المحلّ المناسب له ، فوقعت من الفتيلة نار على بعض الفروش أو الأخشاب ، ولم يكن أحد في حوالي الروضة في طفيها ، فاحترقت الفروش ، والصناديق المقدّسة ، والأخشاب والأبواب ، وصار ذلك فنتة لضعفاء العقول من الشيعة والنصّاب من المخالفين جهلاً منهم بأنّ أمثال ذلك لا يضرّ بحال هؤلاء الأجلّة الكرام ، ولا يقدح في رفعة شأنهم عند الملك العلاّم ، وإنّما ذلك غضب على الناس ، ولا يلزم ظهور المعجز في كلّ وقت ، وإنّما هو تابع للمصالح الكلّية ، والأسرار في ذلك خ فيّة ، وفيه شدّة تكليف ، وافتتان وامتحان للمكلّفين . . . . ثمّ إنّ هذا الخبر الموحش لمّا وصل إلى سلطان المؤمنين ، ومروّج مذهب آبائه الأئمّة الطاهرين ، وناصر الدين المبين ، نجل المصطفين ، السلطان حسين برّأه اللّه من كلّ شين ومين ، عدّ ترميم تلك الروضة البهيّة ، وتشييدها فرض العين فأمر بإتمام صناديق أربعة في غاية الترصيص والتزيين ، وضريح مشبَّك ، كالسماء ذات الحبك ، زينة للناظرين ، ورجوماً للشياطين ، وفّقه اللّه تعالى لتأسيس جميع مشاهد آبائه الطاهرين ، وترويج آثارهم في جميع العالمين [2] . والكلام طويل أخذنا منه موضع الحاجة .
[1] الأروام ، الواحد : رومي : جيل من الناس يسكنون شمالي البحر المتوسّط ، فرقة من النصرانيّة . المنجد : 288 ، ( رام ) . [2] بحار الأنوار : 50 / 337 ، س 2 ، و 339 ، س 7 . عنه أعيان الشيعة : 2 / 43 ، س 32 ، بتفاوت يسير .