عنده في ذلك المقطع بأن يبصروا شيعتهم كيف يتقون بأن لا يسلم عليه أحد ولا يشير إليه ، ويبصروهم معالم دينهم بالأخذ من الثقات ، ويؤدون واجبهم بإرسال الحقوق بأية وسيلة إليهم حتى أن بعضهم اضطر أن يجعل تلكم الحقوق في ظروف السمن ، واشتهر لذلك بالسمان ، و قامت الشيعة بذلك أحسن القيام ، وخرج منهم بقم ونيشابور وسواهما الأعلام الجهابذة ، وحسبك ما ترى في الكتب الأربعة من المحمدين الثلاثة في القرن الرابع والخامس ، وكان بقاء تلك الثروة الهائلة بمحاسن تدابير هؤلاء الكرام البررة في ذلك الضنك والضيق ضاعف الله أجرهم وجعلنا من كل سوء فداهم ، وأخذ بأيدينا إلى الاهتداء بهديهم ، وسلوك سبيلهم ، وأخذ بأقدامنا وأقلامنا إلى نشر معارفهم ، وبث آثارهم كي يخرج الناس من ظلمات الأهواء والآراء والوهميات إلى ضوء كلامهم الثمين القيم . وكأني بالإمام العسكري روحي فداه ! يهتف الناس ويقول : هاءوم أقرأوا كتابيه ، الذي بذل جم من الفضلاء جهودهم ووصلوا ليلهم بنهارهم ليضيؤوا للناس بجمع هذا الكتاب وجعله في متناول أيديهم ، عصري وملزوماته ومستلزماته ، يقفوا على أصحابي وعدتهم وعدتهم ، وليتبصروا ما يلزمهم من الوظائف وما يكلفهم إشاعة الدين ، وإضاءته لأهل زمانهم ، فلا يقصروا وإن قاسوا الشدائد وذاقوا المرير ، فإن الله يعضدهم ويقويهم وينصرهم على الأعداء وكفى بالله حسيبا ، وكفى بالله نصيرا ، الله مولاهم وهو خير الناصرين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .