فقال الخليفة : القوم رسل ، ( وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلَغُ الْمُبِينُ ) [1] . قال : فبهت جعفر ، ولم يردّ جواباً . فقال القوم : يتطوّل أمير المؤمنين بإخراج أمره إلى من يبدرقنا حتّى نخرج من هذه البلدة ، قال : فأمر لهم بنقيب فأخرجهم منها ، فلمّا أن خرجوا من البلد خرج إليهم غلام أحسن الناس وجهاً ، كأنّه خادم ، فنادى : يا فلان بن فلان ! ويا فلان ابن فلان ! أجيبوا مولاكم ، قال : فقالوا : أنت مولانا ؟ قال : معاذ اللّه ! أنا عبد مولاكم ، فسيروا إليه . قالوا فسرنا ( إليه ) معه حتّى دخلنا دار مولانا الحسن بن علي ( عليهما السلام ) ، فإذا ولده القائم سيّدنا ( عليه السلام ) قاعد على سرير ، كأنّه فلقة قمر ، عليه ثياب خضر فسلّمنا عليه ، فردّ علينا السلام . ثمّ قال : جملة المال كذا وكذا ديناراً ، حمل فلان كذا ( وحمل ) فلان كذا ، ولم يزل يصف حتّى وصف الجميع ، ثمّ وصف ثيابنا ورحالنا ، وما كان معنا من الدوابّ . فخررنا سجّداً للّه عزّ وجلّ شكراً لما عرّفنا ، وقبّلنا الأرض بين يديه ، وسألناه عمّا أردنا ، فأجاب ، فحملنا إليه الأموال ، وأمرنا القائم ( عليه السلام ) أن لا نحمل إلى سرّ من رأى بعدها شيئاً من المال ، فإنّه ينصب لنا ببغداد رجلاً يحمل إليه الأموال ، ويخرج من عنده التوقيعات . قالوا : فانصرفنا من عنده ، ودفع إلى أبي العبّاس محمّد بن جعفر القمّي الحميري شيئاً من الحنوط والكفن ، فقال له : أعظم اللّه أجرك في نفسك . قال : فما بلغ أبو العبّاس عقبة همدان حتّى توفّي ( رحمه الله ) ، وكان بعد ذلك نحمل