نام کتاب : موسوعة أدب المحنة أو شعراء المحسن بن علي عليه السلام نویسنده : السيد محمد علي الحلو جلد : 1 صفحه : 362
القصيدة الجاهلية بكونها أكثر التزاماً وجدية ، فالرثاء الجاهلي كان ترفاً فنياً يتفنن به الشاعر للبكاء على أطلاله ، والرثاء الأموي كان غرضاً سياسياً أكثر من كونه معّبراً عن مصداقية القصيدة ووجدانيات الشاعر ، حيث يعمد الشاعر إلى رثاء الخليفة أو حاشيته ليحصل بالحظوة عند السلطان ، والرثاء العباسي كان ترفاً فكرياً يتبارى به الشعراء ليرثى به خاصة الخليفة أو جاريته أو موقف يقترحه الخليفة على الشاعر ليجيد بقريحته ، فيجيد هو بعطائه ، وهكذا تعثّر الفن الرثائي من شعور وجداني ينطلق من نفس الشاعر لينعى به أحد الأحبة ، إلى تسابق فني يؤكد به الشاعر مقدرته الشعرية وفنه الرثائي . كانت فاجعة الطف قد خلقت احساساً وجدانياً خاصاً ترتسم من خلالها في مخيلة الشاعر صوراً رثائيةً رائعةً تحاول الوصول إلى حجم الفاجعة وارتسام المأساة ، ولما كانت فاجعة الطف متشعبة المآسي تفوق في مواقفها التراتيجيدية كل تصور ، فان الشاعر يصل إلى حالة عجز بيّن في احتواء كل المواقف المفجعة ، لذا فهو يحاول أن يبذل وسعه الفني في تصوير مشهد واحد على الأقل فتشاركه هواجس نفسية تنبعث من آلامه فضلا عن دوافعه الايمانية في اثبات مظلومية آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، لذا تجد أن القصيدة الرثائية الشيعية قادمة من عدة عوامل موضوعية تؤكد في مصداقيتها ما يعنيه الشاعر وما يقصده ، وإذا كانت فاجعة الطف هي المأساة التي شاركت في تقديم أطروحة الرثاء المبدع ، فان مأساة الزهراء ( عليها السلام ) قد حققت الانطلاقة الرثائية الأولى في نفس الشاعر الشيعي وهي الفاجعة الأولى التي حرّكت أحاسيسه وجذّرت هواجسه في الشعور بالمظلومية التي ورثتها أمةً كاملة
362
نام کتاب : موسوعة أدب المحنة أو شعراء المحسن بن علي عليه السلام نویسنده : السيد محمد علي الحلو جلد : 1 صفحه : 362