حقا إن ود الحسين لأصحابه وودهم له ( عليه السلام ) تعجز الموازين البشرية عن دركه ، لأنه ود متصل بالغيب ، وهو فوق إدراك البشر ، والسؤال هنا : كيف يتكون هذا الود حتى يصل إلى هذه الدرجة المحيرة للعقول البشرية ؟ إنه يتكون بالإيمان بالله واليوم الآخر ، وللإيمان هذا آداب وأخلاق قد تجسدت في سلوك الحسين وأصحاب الحسين ( عليه السلام ) . وتلك مالم يفهمها الذين لا يؤمنون بالغيب . * الدروس المستفادة هنا : 1 - الأخلاق الجميلة كالحبل المتين يربط الأجزاء ببعضها ويوثق العلاقة القريبة بينها . 2 - إن الحب بين المؤمنين يصنع المعاجز الأخلاقية والسعادة والهناء والملاحم البطولية الرائدة في التاريخ . 3 - الوفاق الإيماني فوق الحدود البشرية ، ولابد منه لخلق التماسك والوحدة في صفوف المؤمنين . E / في معاني التضامن والمودة العائلية إذا كانت من مكارم الأخلاق خصال مثل الاحترام والأدب والتعاون والعطف وتفقد الأحوال والسؤال عن الأحباب ، وبذل الوسع في نصرة المظلوم ، والطاعة للإمام المعصوم ، والعمل لتخليد القيم عبر القرون ، فإن الإمام الحسين وابنه علي السجاد وأخته زينب عقيلة بني هاشم ومن سار على نهجهم قد مثلوا تلك المكارم في أجمل وأكمل صورها . تأمل في النص التاريخي التالي لتزداد إيمانا بهذه الحقيقة : لما ضاق الأمر بالحسين ( عليه السلام ) وبقي وحيدا فريدا ، التفت إلى خيم بني أبيه فرآها خالية منهم ، ثم التفت إلى خيم بني عقيل فوجدها خالية منهم ، ثم التفت إلى خيم أصحابه فلم ير منهم أحدا ، فجعل يكثر من قول : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " . ثم ذهب إلى خيم النساء ، فجاء إلى خيمة ولده زين العابدين ( عليه السلام ) فرآه ملقى على نطع من الأديم ، فدخل عليه وعنده زينب تمرضه ، فلما نظر إليه علي بن الحسين ( عليه السلام ) أراد