كانوا يوجسون في أنفسهم خيفة من صدام مسلح يتوقع بين لحظة وأخرى ، وحرب تحصد الرؤوس وتأكل الأهل والعشيرة ، وتهدر حرمة البيت العتيق والبلد الحرام . وهؤلاء هم ، بكل جبروتهم وعنفوان عنادهم ، يحتشدون لمقاومة بشر رسول ، معجزته كلمات من وحي ربه ، يعلمون علم اليقين أنها ليست من قول البشر ، ويدركون حق الادراك أنهم لو خلوا بين المصطفى والعرب يتلو فيهم هذا الكتاب العربي المبين ، لما ترددوا في الايمان بالمعجزة . وماذا عساهم ، لو آمن العرب بدين التوحيد ، صانعين بأوثانهم التي جعلت من أم القرى المركز الأكبر للعبادة والتجارة ؟ وبالأوضاع السائدة والتقاليد والأعراف الراسخة ، التي ضمنت لقريش نفوذها وثراءها ؟ بينهم وبين هذا القرآن حجاب : ( ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون * ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ) ( حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرانا عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي اذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إنا عاملون * قل إنما أنا بشر مثلكم