( يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة ، لقد أخذت نسمة مباركة . فقلت : والله إني لأرجو ذلك . ثم خرجنا وركبت أتاني وحملت محمدا عليها معي ، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شئ من حمرهم ، حتى إن صواحبي ليقلن لي : - يا ابنة أبي ذؤيب ، ويحك ، اربعي علينا ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟ فأقول لهن : بلى والله ، إنها لهي هي . فيقلن : والله إن لها لشأنا . ( ثم قدمنا منازلنا ، من بلاد بني سعد ، وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها . فكانت غنمي تروح علي ، حين قدمنا بمحمد معنا ، شباعا لبنا فنحلب ونشرب ، وما يحلب إنسان غيرنا قطرة لبن ، ولا يجدها في ضرع . حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم ، اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ! فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن ، وتروح غنمي شباعا لبنا . فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير ، حتى مضت سنتاه وفصلته ) . وتحفظ مكة للتاريخ من أخبار صباه ، رحلته مع أمه إلى يثرب في السادسة من عمره : كانت مشوقة إلى زيارة قبر والده الثاوي هناك ، وقد طال عليها الانتظار ريثما جاوز صغيرها مرحلة الطفولة الغضة ،