( فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة ) . وقالت فاطمة بنت مر : ( قد كان ذلك مرة فاليوم لا . والله ما أنا بصاحبة ريبة ، ولكني رأيت في وجهك نورا فأردت أن يكون لي ، فأبى الله إلا أن يجعله حيث أراد ) . وردت ليلى العدوية : ( مررت بي وبين عينيك غرة بيضاء فدعوتك فأبيت علي ، ودخلت على آمنة فذهبت بها ) [1] . وقد وصلت أخبارهن وأقوالهن إلى مسمع عروسه ( آمنة بنت وهب ) وبلغ من تأثرها بها ، بعد الذي كان من قصة الفداء ، أن رأت في منامها ليلة عرسها ، كأن شعاعا من النور يشع من كيانها اللطيف فيضئ الدنيا حولها ، وسمعت هاتفا يبشرها بأنها حملت بسيد البشر . وحين ودعها عبد الله بعد أشهر في رحلته إلى الشام ، كان لها من رؤياها ما يؤنس وحشة فراق لم يدر العروسان أنه فراق لا لقاء بعده ، ولا خطر لهما على بال أنها رحلة بغير مآب . في طريق الإياب ألمت بعبد الله وعكة طارئة ، فتخلف عن قافلة قريش في دار أخواله بني النجار بيثرب ، ريثما يسترد صحته وعافيته . فلم يلبث إلا قليلا حتى غاله الموت ، ودفن هناك في ثرى يثرب .