سألهم : ( ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟ ) . فسألوا بدورهم : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل . قال عليه الصلاة والسلام : ( أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم ، في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا ، لسلكت شعب الأنصار ! اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار ) . فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وهتفوا جميعا : - رضينا برسول الله قسما وحظا [1] . وكذلك بكى أهل مكة ، وقد علموا أن المصطفى يوشك أن ينصرف إلى دار الهجرة التي اختارها منزلا ومقاما . ولكنه صلى الله عليه وسلم ، تمهل في العودة مع الأنصار إلى المدينة ، ريثما يقضي على فلول الوثنية الناشبة في بعض القبائل العربية ، ومن أهمها : هوازن وثقيف .
[1] السيرة لابن هشام 4 / 143 ، طبقات ابن سعد 2 / 98 .