وأصحابه الأنصار . ولم يدر يومها قتال ، وكأنما عاشت أم القرى في انتظار هذه اللحظة التاريخية ، لتتحرر من أغلال الوثنية . وكأنما كان أهلها ، جيرة الحرم الأقدس ، يتطلعون إلى اليوم الذي يكفون فيه عن حرب عقيم ، بعد أن فقدوا إيمانهم بالأوثان التي حاربوا من أجلها ، فما أغنت عنهم شيئا ! وعلى راحلته ، طاف عليه الصلاة والسلام بالبيت العتيق سبعا ، وسط الجموع الحاشدة من الناس ، ثم ترجل فدخل البيت خاشعا ، وقام يصلي بالمسلمين في الحرم المكي الذي تطهر يومئذ من رجس الأوثان . وتجاوبت الآفاق بدعائه : ( الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده ، نصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ) . والجموع من حوله تردد الدعاء فتخشع له صم الجبال . والتفت إلى أهل مكة ، بعد أن خطب خطبة الفتح ، فقال : ( يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم . فقال عليه الصلاة والسلام : ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ! )