المائة ثم تركت في حمى الحرم ، لا يصد عنها انسان ولا سبع [1] . وانصرف عبد المطلب بولده عبد الله ، فمضى إلى سيد بنى زهرة نسبا وشرفا ( وهب بن عبد مناف بن زهرة ) [2] فخطب إليه ابنته ( آمنة ) عروسا لعبد الله المفتدى . وكانت قصة الفداء قد هزت قلوب المكيين تعلقا بالشاب الهاشمي الذي مست الشفرة منحره وهو صابر مستسلم ، حتى إذا لم يبق بينه وبين الذبح إلا أن تتحرك الشفرة ، أنقذه رب الكعبة بأغلى فدية عرفها العرب . وأضيئت المشاعل في أم القرى ، وسهرت مسامر البلدة المباركة تسترجع ذكرى قصة الذبيح الأول ( إسماعيل بن إبراهيم ) حين مضى به أبوه إلى قمة الجبل لكي يذبحه طاعة وتعبدا ، ففداه ربه ( بذبح عظيم ) بعد ذلك البلاء المبين [3] . إنها القصة التي تناقلتها العرب العدنانية ، بنو إسماعيل ، طبقة بعد طبقة وجيلا من بعد جيل ، تعود فتتكرر على ساحة البيت العتيق الذي رفع القواعد منه إبراهيم وإسماعيل ، وطهراه للطائفين والعاكفين والركع والسجود .