ووافد من مكة جاء يسعى حثيثا حتى بلغ بيت أم المؤمنين ( أم حبيبة ، رملة بنت أبي سفيان ) في دور النبي المحيطة بمسجده . واستأذن فدخل ، وأم المؤمنين لا تكاد تصدق أنه والدها ( أبو سفيان بن حرب ) ! هل جاء مبايعا ، بعد أن طال ضلاله وأهلك قومه ؟ لو كان قد جاء مسلما ، لما تردد في أن يعجل إليها بالبشرى ، فيضع حدا لما كابدته من هم ، في موقفها بين زوجها وأبيها ! وقد كان الموقف صعبا : من قبل أن تشرف ( رملة ) بالزواج من المصطفى ، آمنت به نبيا مع زوجها الأول ( عبيد الله بن جحش ) وهاجرت معه إلى الحبشة . فلم يلبث أن ارتد عن الاسلام ، وتركها تموت بقهرها ، لولا أن واساها عليه الصلاة والسلام ، وشرفها بأن أرسل إلى ابن عمه ( جعفر ابن أبي طالب ) فخطبها إليه في بلد النجاشي . وعادت من مهاجرها مع جعفر ، يوم فتح خيبر ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت النبي ، فما كانت امرأة أعز منها بزوج وأشقى بأب ! فإن لم يكن أبوها قد جاء من مكة مبايعا ، فلعله موفد من مشركي قريش ، يتوسل بابنته إلى زوجها نبي الاسلام ، ليجدد الهدنة التي نقضها القرشيون ! وانتظرت أم المؤمنين ، لم تدع أباها إلى الجلوس حتى تعلم فيم جاء !