وتوقعت دار الهجرة أن يعود إليها . وهذا هو قد عاد مع هلال السنة الهجرية السابعة . بعد أن صفى حسابه بمكة ، ودفع إلى أهلها ما خرج فيه من مالهم إلى الشام . ثم وقف في الحرم المكي هناك ، يسأل بأعلى صوته : ( يا معشر قريش ، هل بقي لاحد منكم عندي مال لم يأخذه ؟ ) قالوا : ( لا ، فجزاك الله خيرا ، فقد وجدناك وفيا كريما ) . فأدار بصره في الجمع الحاشد ، ثم قال على مهل : ( فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الاسلام إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها الله إليكم ، وفرغت منها ، أسلمت ) [1] . وخلف القوم واجمين كأنما انقضت عليهم صاعقة ، وانطلق مستقبلا دار الهجرة وكأنه معها على موعد . اتجه فور وصوله إلى المسجد النبوي ، فهلل المسلمون وكبروا حين رأوه يبايع النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفوا به مهنئين مرحبين ، لكنه كان مشغول البال عنهم بأمر أهمه : أترى يرد إليه المصطفى ابنته الحبيبة ( زينب ) زوجا ، بعد الذي كان ؟