من حيث العدد والسلاح ، كان القرشيون يزيدون أضعافا مضاعفة . ولكن المعركة لم تكن متكافئة كذلك من حيث القوى المعنوية : المشركون خرجوا للقتال بطرا ورئاء الناس ، وإمعانا في البغي والعدوان ، وتأمينا لطريق تجارتهم إلى الشام ، وانتقاما من المصطفى والذين هاجروا معه والذين آووه ونصروه لا يبالون غضب قريش ! والمسلمون خرجوا جهادا في سبيل دينهم ، وتأمينا لحقهم في حرية العقيدة ، وغضبا لما سامتهم الوثنية القرشية من أذى واضطهاد . ومتى كان القتال بين حق وباطل ، بين مستبسل في سبيل ما يؤمن أنه الحق ، وبين ممعن في البغي والضلال ، فإن العشرين من المؤمنين يغلبون المائة ، والمائة يغلبون الألف . وتحددت ببدر موازين القوى : فلم يكن الامر فيها بين كثرة وقلة فحسب ، ولكنه كان بين كثرة يعوزها سلاح الايمان ، ليس فيها من يقاتل إلا وهو يفكر في حماية الجاه الموروث ويرى في خصومة المسلمين صيدا سهلا ، وبين قلة مؤمنة صابرة ليس فيها من يقاتل إلا وهو يرجو انتصار الحق ورضوان الله ، ويرى الموت في سبيل عقيدته التي آمن بها ، حياة ومجدا ونصرا . وحزب الله لم يتردد في دخول المعركة حتى يقيس قوته إلى قوة