لكنهم لم يكفوا عن جدلهم الخبيث ، يبثون سمومه في المجتمع المدني آمنين من جانب نبي الاسلام ، محتمين بعهده الموثق . حتى ضج الصحابة من شرهم ومكرهم ، فمضوا يساورونهم ويزجرونهم ، عساهم يرتدعون . دخل ( أبو بكر الصديق ) بيت المدارس الذي يجتمعون فيه إلى أحبارهم ويتدارسون في أسفارهم ، فوجد عصابة منهم قد اجتمعت إلى حبرين من رؤوسهم : ( أشيع وفنحاص ) فقال الصديق منذرا : ( ويحك يا فنحاص اتق الله ، فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله قد جاءكم بالحق من عنده ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ) رد عدو الله ، وقد ذكر ما يتلو المسلمون من آيات القرآن في البر والرحمة ، والبذل للخير قرضا حسنا يضاعفه الله لهم : ( والله يا أبا بكر ، ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير ! وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا ، وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني ! ولو كان غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم ! ينهاكم عن الربا ويعطيناه ، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا ) ! فلم يملك أبو بكر غضبه ، ولطم وجه فنحاص وقال : ( والذي نفسي بيده ، لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت رأسك ، أي عدو الله ) . وأسرع الخبيث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه صاحبه الصديق أبا بكر ، وينكر أن يكون قال شيئا مما أغضبه .