نقل كتاب السيرة ومؤرخو الاسلام ، أن قريشا ( لما رأت أن محمدا ، صلى الله عليه وسلم ، قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم ، عرفوا أنهم قد نزلوا بيثرب دارا وأصابوا منهم منعة . فحذروا خروج الرسول إليهم وعرفوا أنه قد أجمع لحربهم . فاجتمعوا في دار الندوة - وهي دار جدهم قصي بن كلاب . حيث كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر محمد ، عليه الصلاة والسلام ، حين خافوه . ( قال بعضهم لبعض : إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم ، فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن اتبعه من غيرنا . فأجمعوا فيه رأيا ) . وتعددت مقترحاتهم ، طائشة هوجاء . حتى قال أبو جهل بن هشام : ( والله إن لي رأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد ) . سألوه : ( وما هو يا أبا الحكم ؟ ) . قال : ( أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما فيعمدوا إليه فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه . فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم ) - يعني الدية [1] .
[1] السيرة لابن هشام : 2 / 125 وتاريخ الطبري : 2 / 243 وفيهما أسماء من حضروا الندوة من طواغيت قريش .